الأندلس من الفتح الى السقوط
لا شك أن سقوط دولة الأندلس في شبه الجزيرة الأيبيرية هو جرح في قلب كل مسلم غيور على دينه وأمته، بل الأكثر إيلامًا وكمدًا من جرح السقوط هو ما حدث بعد السقوط من مذابح وقتل وتعذيب وتهجير للمسلمين في الأندلس.
وحتى لا ننسى تاريخنا المظفر الحافل بالأمجاد والبطولات على أرض هذه الجزيرة، سأحاول في هذا المقال عرض وسرد أحداث ثماني قرون عشناها هناك عن طريق الوقوف على سيرة أبرز الشخصيات التي سطرت بدمائها هذا التاريخ المجيد.طارق بين زياد
أيها الناس، أين المَفَرُّ؟ البحرُ من ورائكم، والعدوُّ أمامَكم وليس لكم واللَّهِ إلا الصدقُ والصَبْرُ. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أَضْيَعُ من الأيتام في مَأْدُبَةِ اللِّئام، وقد اسْتَقْبَلَكم عدوّكم بِجَيْشِهِ وأَسْلِحَتِهِ، وأَقْواتُه موفورةٌ ، وأنتم لا وَزَرَ لكم إلا سيوفُكم ولا أقواتَ إلا ما تَسْتَخْلِصُونَه من أيدِي عدوِّكم،…
هكذا استهل طارق ابن زياد حديثه إلى جنده قبيل معركة وادي برباط في 28 من رمضان للعام 92 من الهجرة.
عبر طارق بن زياد بسبعة آلاف مقاتل المضيق -الذي مازال يحمل اسمه حتى يومنا هذا- بتكليف من قائده الأعلى والي إفريقيا للخليفة الوليد بن عبد الملك موسى بن النصير، والذي استنجده طارق قبيل معركة وادي برباط فمده موسى بن النصير بطريف بن مالك على رأس خمسة ألاف مقاتل.
لتبدأ معركة وادي برباط في 28 من رمضان بين طارق بن زياد على رأس 12 ألف من المسلمين ضد ملك القوط لذريق ومعه 100 ألف من الجند، لتنتهي المعركة بعد ثمانية أيام على نصر ساحق للمسلمين، ومقتل -أو هرب- لذريق ملك القوط، وسرعان ما استغل طارق بن زياد الفرصة محاولًا فتح كامل الجزيرة الأيبيرية.
فبينما كانت طليطلة عاصمة القوط تشهد صراعات بين أنصار لذريق وأنصار الملك السابق غطيشة على من يتولى الحكم، كان طارق بن زياد مسرعًا إليهم بجيشه فاتحًا في طريقة شذونة و مرور و إستجة، ومرسلًا السرايا؛ لفتح باقي المدن فأرسل بسرايا إلى كلٍ من مالقة وقرطبة وغرناطة ومرسية، وكان بعض هذه السرايا لا يتعدى 700 مقاتل.
واصل طارق بن زياد زحفه فاتحا كامل الأراضي الأيبيرية مخالفًا أوامر موسى بن النصير؛ التي كانت تقتضى بالتمهل والحذر وعدم التسرع في التوجه إلى طليطلة. وصل طارق بجيشه ودخل طليطلة ولم يكتفى بذلك، بل واصل الزحف شمالًا إلى مملكتي قشتالة وليون، وظل يطارد القوط عبورًا بجبال استورياس وصولًا إلى خليج بسكونية على المحيط الأطلسي.
وعندما علم المسلمون بالجهاد في الأندلس، تدفقوا من كل حدب وصوب إلى بلاد المغرب العربي؛ حيث عبر موسى بن النصير بـحوالي 18 ألف إلى الأندلس، وفى طريقة فتح اشبيلية بعد حصار دام شهور، وأرسل ابنه عبد العزيز بن موسى بن النصير فاتحًا لبلاد البرتغال.
والتقى أخيرًا بطارق بن زياد في طليطلة وعنّفه تعنيفًا شديدًا على مخالفته لأوامره ثم اتجها سويا فاتحين برشلونه ثم سرقسطة وأرسل موسى بن النصير سريه إلى مدينة أربونة جنوب غرب فرنسا، وواصل المسلمون فتح باقي مدن الأندلس حتى تم الانتهاء من فتح كامل الجزيرة الأيبيرية في العام 95 هـ، ما عدا مكان صغير يُدعى صخرة بلاى على المحيط الأطلسي، وما أن عزم موسى بن النصير على فتحه حتى أتاه أمر أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك بوقف الفتوحات، والعودة هو وطارق بن زياد إلى دمشق.
لا تنسى صديقي مشاركة المقال مع أصدقائك إذا أعجبك و ترك تعليق لنا كتشجيع لنا منك
Publier un commentaire