U3F1ZWV6ZTIxNjU2Nzk0NDQ2NDg0X0ZyZWUxMzY2Mjk3ODYxODM5NA==

التبيان في عقيدة ابن حزم الاندلسي

 التبيانالتبيان في عقيدة ابن حزم الاندلسي:

 —————————————

قال: "نقول: إن الله عز وجل قادر على أن ينسخ التوحيد، وعلى أن يأمر بالتثنية، والتثليث، وعبادة الأوثان، وأنه تعالى لو فعل ذلك؛ لكان حكمة وعدلاً وحقاً، ولكان التوحيد كفراً، وظلماً، وعبثاً، ولكنه تعالى لا يفعل ذلك أبداً"اهـ (الإحكام 4/73)

التبيان في عقيدة ابن حزم الاندلسي


وقال: "وقف العلم عند الجهل بصفات الباري عز وجل"اهـ (رسائل ابن حزم 1/345)

وقال: "مسألة: وأن الناس يعطون كتبهم يوم القيامة؛ فالمؤمنون الفائزون الذين لا يعذبون يعطونها بأيمانهم؛ والكفار بأشملهم والمؤمنون أهل الكبائر وراء ظهورهم"اهـ (المحلى - مسألة رقم 35)

وقال: "وأنه تعالى لا في مكان ولا في زمان؛ بل هو تعالى خالق الأزمنة، والأمكنة .. والزمان، والمكان فهما مخلوقان؛ قد كان تعالى دونهما، والمكان: إنما هو للأجسام، والزمان: إنما هو مدة كل ساكن أو متحرك، أو محمول في ساكن أو متحرك، وكل هذا مبعد عن الله عز وجل"اهـ (المحلى - مسألة رقم 53)

وقال: "مسألة: وأن الله تعالى يتنزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وهو فعل يفعله عز وجل؛ ليس حركة، ولا نقلة"اهـ (المحلى - مسألة رقم 57)

وقال: "مسألة: وأن لله عز وجل عزاً، وعزة، وجلالاً، وإكراماً، ويداً ويدين وأيد، ووجهاً وعيناً وأعيناً وكبرياء، وكل ذلك حق لا يرجع منه، ولا من علمه تعالى وقدره وقوته إلا إلى الله تعالى؛ لا إلى شيء غير الله عز وجل أصلاً"اهـ (المحلى - مسألة رقم 62)

وقال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العز إزاره والكبرياء رداؤه»؛ يعني الله تعالى .. عن أبي هريرة؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ في حديث خلق الله تعالى الجنة والنار؛ «أن جبريل قال لله تعالى: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد» ولو كان شيء من ذلك غير الله تعالى؛ لكان إما لم يزل، وإما محدثاً؛ فلو كان لم يزل؛ لكان مع الله تعالى أشياء غيره لم تزل، وهذا شرك مجرد، ولو كان محدثاً لكان تعالى بلا علم، ولا قوة، ولا قدرة، ولا عز، ولا كبرياء؛ قبل أن يخلق كل ذلك، وهذا كفر"اهـ (المحلى - مسألة رقم 62)

وقال: "لكنا نقول: إن اللفظ مشترك، والمعنى هو ما قام الدليل عليه؛ كما فعلنا في: النزول، وفي الوجه، واليدين، والأعين، وحملنا كل ذلك على أنه حق؛ بخلاف ما يقع عليه اسم: ينزل عندنا، واسم يد وعين عندنا؛ لأن هذا عندنا في اللغة؛ واقع على الجوارح والنقلة، وهذا منفي عن الله تعالى"اهـ (الفصل 1/71)

وقال: "لو كان الباري - تعالى عن إلحادهم - جسماً؛ لاقتضى ذلك ضرورة أن يكون له زمان، ومكان هما غيره، وهذا إبطال التوحيد وإيجاب الشرك معه تعالى لشيئين سواه، وإيجاب أشياء معه غير مخلوقة، وهذا كفر"اهـ (الفصل 2/92)

وقال: "ويبطل قول من وصف الله تعالى بأنه جسم، وقول من وصفه بحركة تعالى الله عن ذلك؛ أن الضرورة توجب أن كل متحرك فذو حركة، وأن الحركة لمتحرك بها، وهذا من باب الإضافة، والصورة في المتصور لمتصور، وهذا أيضاً من باب الإضافة؛ فلو كان كل مصور متصوراً، وكل محرك متحركاً؛ لوجب وجوب أفعال لا أوائل لها، وهذا قد أبطلناه فيما خلا من كتابنا بعون الله تعالى لنا وتأييده إيانا؛ فوجب ضرورة: وجود محرك ليس متحركاً، ومصور ليس متصوراً ضرورة ولا بد، وهو الباري تعالى محرك المتحركات، ومصور المصورات لا إله إلا هو، وكل جسم فهو ذو صورة، وكل ذي حركة فهو ذو عرض محمول فيه؛ فصح أنه تعالى ليس جسماً ولا متحركاً، وبالله تعالى التوفيق"اهـ (الفصل 2/94)

وقال: "وأما إطلاق لفظ الصفات لله تعالى عز وجل؛ فمحال لا يجوز؛ لأن الله تعالى لم ينص قط في كلامه المنزل على لفظة الصفات، ولا على لفظ الصفة، ولا حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن لله تعالى صفة أو صفات؛ نعم، ولا جاء قط ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولا عن أحد من خيار التابعين، ولا عن أحد من خيار تابعي التابعين، وما كان هكذا؛ فلا يحل لأحد أن ينطق به، ولو قلنا: إن الإجماع قد تيقن على ترك هذه اللفظة لصدقنا؛ فلا يجوز القول بلفظ الصفات، ولا اعتقاده؛ بل هي بدعة منكرة .. وإنما اخترع لفظ الصفات: المعتزلة وهشام ونظراؤه من رؤساء الرافضة، وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام؛ سلكوا غير مسلك السلف الصالح؛ ليس فيهم أسوة ولا قدوة، وحسبنا الله، ونعم الوكيل"اهـ (الفصل 2/95)

وقال: "وقال بعض أصحاب بن كلاب: إن الاستواء صفة ذات، ومعناه نفي الاعوجاج. قال أبو محمد: وهذا القول في غاية الفساد؛ لوجوه: أحدها: أنه تعالى لم يسم نفسه مستوياً،

ولا يحل لأحد أن يسم الله تعالى بما لم يسم به نفسه؛ لأن من فعل ذلك فقد ألحد في أسمائه حدود الله؛ أي مال عن الحق .. وثانيها: أن الأمة مجمعة على أنه لا يدعو أحد؛ فيقول: يا مستوي ارحمني، ولا يسمي ابنه عبد المستوي، وثالثها: أنه ليس كل ما نفي عن الله عز وجل؛ وجب أن يوقع عليه ضده؛ لأننا ننفي عن الله تعالى السكون، ولا يحل أن يسمى الله متحركاً، وننفي عنه الحركة، ولا يجوز أن يسمى ساكناً .. وكذلك كل صفة لم يأت بها النص؛ فكذلك الاستواء والاعوجاج؛ منفيان عنه معاً سبحانه وتعالى، وتعالى الله عن ذلك؛ لأن كل ذلك من صفات الأجسام ومن جملة الإعراض، والله قد تعالى عن الأعراض"اهـ (الفصل 2/97)

وقال: "فإن قالوا لنا: فإذن معنى سميع بصير؛ هو بعد معنى عليم؛ فقولوا: إنه تعالى يبصر المسموعات، ويسمع المرئيات. قلنا وبالله تعالى التوفيق: ما يمنع من هذا، ولا ننكره؛ بل هو صحيح"اهـ (الفصل 2/97-98)

وقال: "القول الرابع في معنى الاستواء: هو أن معنى قوله تعالى: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؛ أنه فعل فعله في العرش، وهو انتهاء خلقه إليه؛ فليس بعد العرش شيء، ويبين ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنات، وقال: (فسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن)؛ فصح أنه ليس وراء العرش خلق، وأنه نهاية جرم المخلوقات الذي ليس خلفه خلاء ولا ملاء، ومن أنكر أن يكون للعالم نهاية من المساحة والزمان والمكان؛

فقد لحق بقول الدهرية، وفارق الإسلام. والاستواء في اللغة يقع على الانتهاء؛ قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}؛ أي: فما انتهى إلى القوة والخير. وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}؛ أي: أن خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد أن رتب الأرض على ما هي عليه، وبالله تعالى التوفيق، وهذا هو الحق، وبه نقول لصحة البرهان به، وبطلان ما عداه"اهـ (الفصل 2/98)

وقال: "أما القول الثالث في المكان: فهو أن الله تعالى لا في مكان، ولا في زمان أصلاً، وهو قول الجمهور من أهل السنة، وبه نقول، وهو الذي لا يجوز غيره لبطلان كل ما عداه"اهـ (الفصل 2/98)

وقال: "وجملة ذلك: أننا لا نسمي الله عز وجل إلا بما سمى به نفسه، ولم يسم نفسه علماً، ولا قدرة؛ فلا يحل لأحد أن يسمه بذلك، وأما قوله: هل يفهم من قول القائل: الله؛ كالذي يفهم من قوله: عالم فقط، أو يفهم من قوله: عالم معنى غير ما يفهم من قوله: الله؟ فجوابنا، وبالله تعالى نتأيد: أننا لا نفهم من قولنا: قدير وعالم؛ إذا أردنا بذلك الله تعالى؛ إلا ما نفهم من قولنا: الله فقط؛ لأن كل ذلك أسماء أعلام؛ لا مشتقة من صفة أصلاً؛ لكن إذا قلنا: هو الله تعالى بكل شيء عليم، ويعلم الغيب؛ فإنما يفهم من كل ذلك؛ أن ههنا له تعالى معلومات، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولا يفهم منه البتة: أن له علماً هو غيره. وهكذا نقول في: يقدر، وفي غير ذلك كله"اهـ (الفصل 2/100-101)

وقال: "فصح أن علم الله تعالى حق، وقدرته حق، وقوته حق، وكل ذلك ليس هو غير الله تعالى، ولا العلم غير القدرة، ولا القدرة غير العلم؛ إذ لم يأت دليل بغير هذا؛ لا من عقل، ولا من سمع، وبالله تعالى التوفيق"اهـ (الفصل 2/101)

وقال: "فإذا قد صح ما ذكرنا؛ فقد ثبت ضرورة: أن قول القائل: متى علم الله زيداً ميتاً؟ سؤال فاسد بالضرورة؛ لأن متى؛ سؤال عن زمان، وعلم الله تعالى ليس في زمان أصلاً؛ لأنه ليس هو غير الله تعالى"اهـ (الفصل 2/103)

 وقال: "وقد ثبت ضرورة أن علم الله تعالى ليس عرضاً ولا جسماً أصلاً؛ لا محمولاً فيه، ولا في غيره، ولا هو

 شيء غير الباري عز وجل؛ فبالضرورة نعلم: أن معنى قوله عز وجل: }وَلَا يحيطون بِشَيْء مِنْ عِلْمِه{؛ إنما المراد العلم المخلوق الذي أعطاه عباده، وهو عرض في العالمين محمول فيهم، وهو مضاف إلى الله عز وجل بمعنى الملك، وهذا لا شك فيه؛ لأنه لا علم لنا إلا ما علمنا"اهـ (الفصل 2/104)

وقال: "أجمع المسلمون على القول بما جاء به نص القرآن؛ من أن الله تعالى سميع بصير؛ ثم اختلفوا؛ فقالت طائفة من أهل السنة، والأشعرية، وجعفر بن حرب من المعتزلة، وهشام بن الحكم، وجميع المجسمة: نقطع أن الله سميع بسمع؛ بصير ببصر. وذهبت طوائف من أهل السنة؛ منهم: الشافعي، وداود بن علي، وعبدالعزيز بن مسلم الكناني رضي الله عنهم، وغيرهم؛ إلى أن الله تعالى: سميع بصير، ولا نقول: بسمع، ولا يبصر؛ لأن الله تعالى لم يقله، ولكن سميع بذاته، وبصير بذاته. قال أبو محمد: وبهذا نقول، ولا يجوز إطلاق سمع ولا بصر حيث لم يأت به نص"اهـ (الفصل 2/109)

وقال: "وقال تعالى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}؛ فصح أن (بصيراً، وسميعاً، وعليماً) بمعنى واحد"اهـ (الفصل 2/111)

 وقال: "فإن قالوا: أتقولون: لم يزل الله خالقاً خلاقاً رازقاً. قلنا: لا نقول هذا؛ لأن الله تعالى لم ينص على أنه كان خالقاً خلاقاً رازقاً؛ لكنا نقول: لم يزل الخلاق الرزاق، ولم يزل الله تعالى لا يخلق، ولا يرزق؛ ثم خلق، ورزق من خلق"اهـ (الفصل 2/111)

وقال: "وكذلك قول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات؛ إنما هو بمعنى: أن علمه وسع كل ذلك؛ يعلم السر، وأخفى"اهـ (الفصل 2/112)

وقال: "فإن ذكروا الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بينهم وبين أن يروه إلا رداء الكبرياء على وجهه؛ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره)؛ ففي هذا الخبر إبطال لقولهم؛ لأن فيه أن البصر منه ذو نهاية، وكل ذي نهاية محدود محدث، وهم لا يقولون هذا؛ لكن معناه: أن البصر قد يستعمل في اللغة بمعنى الحفظ؛ قال النابغة: رأيتك ترعاني بعين بصيرة، وتبعث حراساً علي وناظراً. فمعنى هذا الخبر: لو كشف تعالى الستر الذي جعل دون سطوته؛ لأحرقت عظمته ما انتهى إليه حفظه، ورعايته من خلقه"اهـ (الفصل 2/112)

وقال: "أما نحن فلولا النص الوارد بعليم، وقدير، وعالم الغيب والشهادة، وقادر على أن يخلق مثلهم، والحي؛ لما جاز أن يسمى الله تعالى بشيء من هذا أصلاً، ولا يجوز أن يقال: حي بحياة؛ البتة"اهـ (الفصل 2/114)

وقال: "واحتجاجكم بأن من كان سميعاً فلا بد له من سمع، ومن كان بصيراً فلا بد له من بصر، ومن كان حياً فلا بد له من حياة، ومن كان مريداً فلا بد له من إرادة، ومن كان له كلام فهو متكلم؛ فأطلقتم كل هذا على الله عز وجل بلا برهان؛ فإن ناب عندكم ما ورد به النص من: حكيم، وقوي، وكريم، ومتكبر، وجبار؛ عن عاقل، وشجاع، وسخي، ومتجبر، ومستكبر، وتياه، وزاه؛ فلم تجيزوا أن تسموا الباري عز وجل بشيء من هذا؛ فكذلك فقولوا كما قلنا نحن: إن سمعياً، وبصيراً، وحياً، وله كلام، ويريد؛ يغني عن تجويز ذكر السمع، والبصر، والإرادة، ومتكلم، ولا فرق"اهـ (الفصل 2/114)

وقال: "ويقال لمن قال: إنما سمي الله تعالى عليماً لأنه له علماً، وحكيماً لأن له حكمة، وهكذا في سائر أسمائه، وادعى أن الضرورة توجب أنه لا يسمى عالماً إلا من له علم، وهكذا في سائر الصفات .. وصح بهذا البرهان الواضح؛ أنه لا يدل حينئذ عليم على علم، ولا قدير على قدرة، ولا حي على حياة، وهكذا في سائر ذلك، وإنما قلنا بالعلم والقدرة والقوة والعزة بنصوص أخر؛ يجب الطاعة لها، والقول بها"اهـ (الفصل 2/116-117)

وقال: "فإن قالوا: لم ينص تعالى على أنه يقظان. قيل لهم: ولا نص تعالى على أن له حياة"اهـ (الفصل 2/120)

 وقال: "الباري تعالى لو كان حياً بحياة لم يزل، وهي غيره؛ لوجب ضرورة أن يكون تعالى مؤلفاً مركباً من ذاته وحياته وسائر صفاته، ولكان كثيراً لا واحداً، وهذا إبطال الإسلام، ونعوذ بالله من الخذلان"اهـ (الفصل 2/120)

وقال: "قد علمنا أن الله تعالى أرحم الراحمين حقاً؛ لا مجازاً؛ من أنكر هذا فهو كافر حلال دمه وماله، وهو تعالى يبتلي الأطفال بالجدري واواكل والجن والذبحة والأوجاع حتى يموتوا وبالجوع حتى يموتوا كذلك ويفجع الآباء بالأبناء، وكذلك الأمهات والأحباء بعضهم ببعض حتى يهلكوا ثكلاً ووجداً, وكذلك الطير بأولادها، وليست هذه صفة الرحمة بيننا؛ فصح يقينا أنها أسماء الله تعالى؛ سمى الله تعالى بها نفسه غير مشتقة من صفة محمولة فيه تعالى؛ حاشا له من ذلك"اهـ (الفصل 2/124)

وقال: "ولكنا نقول: وجه الله ليس هو غير الله تعالى، ولا نرجع منه إلى شيء سوى لله تعالى؛ برهان ذلك قول الله تعالى حاكياً عمن رضي قوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}؛ فصح يقيناً أنهم لم يقصدوا غير الله تعالى"اهـ (الفصل 2/127)

وقال: "وقال تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}، وقال تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وقال تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}، وقال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمين الرحمن: (وكلتا يديه يمين)؛ فذهبت المجسمة إلى ما ذكرنا مما قد سلف من بطلان قولهم فيه، وذهبت المعتزلة إلى أن اليد: النعمة،

وهو أيضاً لا معنى له لأنها دعوى بلا برهان، وقال الأشعري: إن المراد بقول الله تعالى: {أَيْدِينَا}؛ إنما معناه: اليدان، وإن ذكر الأعين؛ إنما معناه: عينان. وهذا باطل مدخل في قول المجسمة؛ بل نقول: إن هذا إخبار عن الله تعالى؛ لا يرجع من ذكر اليد إلى شيء سواه تعالى، ونقر إن لله تعالى كما قال: يداً، ويدين، وأيدي، وعين، وأعيناً؛ كما قال عز وجل: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}، وقال تعالى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}، ولا يجوز  لأحد أن يصف الله عز وجل؛ بأن له عينين؛ لأن النص لم يأت بذلك، ونقول: إن المراد بكل ما ذكرنا: الله عز وجل لا شيء غيره"اهـ (الفصل 2/127-128)

وقال: "وكذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: (إن جهنم لا تملأ حتى يضع فيها قدمه)، وصح أيضاً في الحديث: (حتى يضع فيها رجله) ومعنى هذا؛ ما قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر صحيح؛ أخبر فيه أن الله تعالى بعد يوم القيامة يخلق خلقاً يدخلهم الجنة، وأنه يقول للجنة والنار: لكل واحدة منكما ملؤها؛ فمعنى القدم في الحديث المذكور؛ إنما هو كما قال تعالى: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يريد سالف صدق؛ معناه الأمة التي تقدم في علمه تعالى أنه يملأ بها جهنم، ومعنى رجله نحو ذلك؛ لأن الرجل: الجماعة في اللغة؛ أي يضع فيها الجماعة التي قد سبق في علمه تعالى أنه يملأ جهنم بها"اهـ (الفصل 2/128)

وقال: "وكذلك الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: (إن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل) أي بين تدبيرين ونعمتين من تدبير الله عز وجل، ونعمه"اهـ (الفصل 2/128)

وقال: "وكذلك القول في الحديث الثابت (خلق الله آدم على صورته) فهذه إضافة ملك؛ يريد الصورة التي تخيرها الله سبحانه وتعالى ليكون آدم مصوراً عليها"اهـ (الفصل 2/128)

قلت: ذكر الكثير من الامور من تجهم وموافقة للمعتزلة والخوارج والمرجئة واهل الراي والظاهرية، وهذه النقولات يعرف الموحد حكم قائلها واستغرب منهجه حتى ابن عبد الهادي.

قال ابن عبدالهادي: (وقد طالعت أكثر كتاب الملل والنحل لابن حزم، فرأيته قد ذكر فيه عجائب كثيرة، ونقول غريبة، وهو يدل على قوة ذكاء مؤلفه، وكثرة اطلاعه، لكن تبين لي أنه جهمي جلد لا يثبت من معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل كالخالق، والحق، وسائر الأسماء عنده لا تدل على معنى أصلا كالرحيم، والعليم، والقدير، ونحوها، بل العلم عنده هو: القدرة، والقدرة هي العلم، وهما عين الذات، ولا يدل العلم على معنى زائد على الذات المجردة أصلا، وهذا عين السفسطة والمكابرة).

Commentaires
Aucun commentaire
Publier un commentaire

Publier un commentaire

NomCourrielMessage